في خطوة تعد تاريخية للأقباط في مصر، تم التوصل إلى اتفاق لسَن قانون جديد يأخذ بعين الاعتبار الأحوال الشخصية لهذه الطائفة،ويأتي هذا القانون بعد عقود طويلة من النقاشات والمداولات، حيث يمثل هذا المشروع تطورًا مهمًا في شؤون الأقباط في البلاد،وقد تم التوقيع على مشروع القانون المذكور بين الجهات المعنية والطوائف المعترف بها، مما يعكس مستجدات قانونية تسهم في تنظيم شؤون الحياة الأسرية للأقباط بطريقة أكثر شمولاً وقدرة على الاستجابة لتغيرات المجتمع المصري.
قانون الأحوال الشخصية للأقباط
استعرض المستشار منصف نجيب سليمان، وهو عضو وممثل في لجنة إعداد مشروع القانون، أهمية هذا القانون الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ مصر،فبعد سنوات من الإعداد والجهود، تم تقديم نسخة جديدة متكاملة تنال تأييد جميع الطوائف المعترف بها، مثل الأرثوذكس والكاثوليك والسريان والروم الأرثوذكس،ويعكس هذا القانون ريادة في التصدي لمشكلات الأحوال الشخصية التي يعاني منها الأقباط في مصر، مما يسهم في تسهيل إجراءات الحياة الزوجية ويساعد على تحقيق العدالة في المجتمع.
انفراجة بحالات الطلاق
من أبرز التعديلات في مشروع القانون الجديد هو توفير انفراجة في موضوع الطلاق، حيث تم توسيع أسباب بطلان الخطبة والعقد،وأشار “سليمان” إلى أن كل من يهمه موضوع الأحوال الشخصية سيجد تسهيلات جديدة تلبي احتياجاته،وقد اتضح أن مفهوم الغش لم يعد مقتصرًا على البكارة كما كان عليه في السابق، بل أصبح يشمل أي شكل من أشكال الغش الذي يمكن أن يحدث في العقود، وفقًا للقانون المدني، مما يعكس تطورًا في الطريقة التي يُنظر بها إلى مسائل الأحوال الشخصية.
مشروع قانون الأحوال الشخصية للأقباط
يشمل القانون الجديد شروطًا واضحة لعقد الخطبة، مثل تقديم شهادة خلو من الموانع، وذلك ضمن إطار قانوني سليم،كما يشدد على عدم جواز الخطبة لمن تقل أعمارهم عن 18 عامًا،في حال العدول عن الخطبة لأي من الطرفين دون سبب مقبول، يتضمن القانون نصوصًا تحكم استرداد الهدايا والمقدمات، مما يلعب دورًا في حماية حقوق الأفراد في مراحل مهمة من حياتهم.
الزواج والطلاق
يتناول المشروع أيضًا آليات الزواج، حيث يحدد إجراءات واضحة تختلف باختلاف الطوائف،ويسمح للزواج بين الطوائف المختلفة تحت شروط معينة، مما يضمن حقوق الزوجين بناءً على الطائفة التي يتبعانها،كما يحظر زواج الأقباط الأرثوذكس إلا بين المتحدين في الطائفة، وهو ما يعكس تقديرًا للمسائل ذات الطبيعة الدينية الروحية.
تغيير الطائفة
وفي حالة تغيير أحد الزوجين لطائفته، ينص القانون على إمكانية طلب الطلاق،ويعتبر ذلك من المواد الحاسمة في إضفاء الاستقرار على العلاقات الزوجية ويعكس القيم الروحية المتعلقة بارتباطات الأفراد بمعتقداتهم.
الزواج بعد الزنا
كما يحدد القانون ضوابط للزواج بعد حدوث الزنا، حيث يحق لأي من الزوجين طلب الطلاق في حالات محددة تنبع من انتهاك القيم الأخلاقية والزواجية،يتيح مشروع القانون أيضًا للزوجين طلب الطلاق بناءً على أدلة أكثر شمولًا من السابق، محققًا بذلك نوعًا من التوازن بين حقوق الأفراد واحتياجات المجتمع.
الطلاق المدني
من جهة أخرى، يتيح القانون الانحلال المدني للطوائف المعنية في حال افتراق الزوجين لفترة تصل إلى ثلاث سنوات،يُعتبر هذا الأمر تطورًا كبيرًا لختص التصريحات الدينية التي كانت تعيق الطلاق في بعض الطوائف.
الحضانة والرؤية وإسقاط الحق في الرؤية
تناول مشروع القانون موضوع الحضانة، حيث يمنح الحق للأم، ثم الأب، مع وجود شروط تحدد انتهاء هذا الحق،يستند القانون إلى مبادئ تسهم في حماية مصلحة الطفل، بما في ذلك القواعد المتعلقة بالرؤية، مما يعطي الأهمية القصوى لحق الطفل في العيش مع أحد الوالدين، حتى في حال حدوث الطلاق.
الاستضافة
يقدم القانون أيضًا مفهوماً جديداً للاستضافة، حيث يسمح لرؤية الطفل في ظروف معينة، مما يعزز الروابط الأسرية حتى بعد الانفصال.
الميراث
بخصوص الميراث، التزم المشروع بالدستور المصري، مع ضمان المساواة بين الرجل والمرأة، الأمر الذي يعكس توجهًا نحو تعزيز حقوق المرأة في المجتمع المصري،كما يمثل هذا القانون خطوة نحو تنظيم وضبط الأحوال الشخصية للأقباط بطريقة تتماشى مع القيم والمبادئ التي يسعى المجتمع لتحقيقها.
ختامًا، يشكل قانون الأحوال الشخصية للأقباط خطوة مهمة نحو تنظيم الحياة الأسرية وتعزيز الحقوق الفردية،من خلال هذا القانون الجديد، سيتمكن الأقباط من معالجة قضايا مثل الخطبة والزواج والطلاق والحضانة والميراث بشكل أكثر فعالية وبما يتوافق مع تطلعاتهم،فبعد عقود من النقاش والجدل، أصبح لديهم الآن إطار قانوني واضح يعكس احتياجاتهم ويعزز القيم الإنسانية والاجتماعية، بما يسهم في استقرار المجتمع المصري وتفاعله الإيجابي،ينظر الكثيرون إلى هذا القانون على أنه بداية جديدة تعزز من الوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين جميع الطوائف في مصر.