شكرا على قرائتكم خبر عن إنتاج حقل ريفين لـ الغاز| خطوة نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي للطاقة بمصر والان مع تفاصيل هذا الخبر الحصري من موقعنا
في قلب البحر المتوسط، وعلى بُعد عدة أميال من سواحل دلتا النيل، يسعى قطاع الطاقة المصري لتحقيق قفزة نوعية في إنتاج الغاز الطبيعي.
انتاجية الحقل بين الصعود والتراجع المفاجيء
هذا التحول يتجسد في الأعمال الجارية في حقل ريفين الذي تديره شركة بريتش بتروليوم (بي بي)، وبعد سنوات من التحديات وتراجع الإنتاج، تقترب الشركة من الانتهاء من حفر بئرين إضافيين، وهو ما سيزيد إنتاج الحقل إلى 600 مليون قدم مكعب يوميًا، ليعزز قدرة مصر على تلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
افتتح حقل ريفين في عام 2017 ليكون أحد المشروعات الحيوية في تطوير موارد الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، ورغم البداية المميزة، حيث وصل الإنتاج إلى 800 مليون قدم مكعب يوميًا في 2021، إلا أن هذا الرقم تراجع بشكل كبير ليصل إلى النصف خلال العامين الماضيين، مما وضع القطاع أمام تحديات كبيرة.
حفر بئرين جديدين في الحقل
إعادة تأهيل الحقل لم يكن خيارًا بسيطًا. تحركت شركة بي بي بسرعة لإطلاق استثمارات جديدة في 2024 بهدف وقف الانخفاض الحاد في الإنتاج، وفي خطوة استراتيجية، تم حفر بئرين جديدين في الحقل، ومن المتوقع أن تسهم هذه الجهود في إضافة 200 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا، وبحلول نهاية العام، ستصل كمية الإنتاج اليومية إلى 600 مليون قدم مكعب، ما يعد إنجازًا كبيرًا للحقل ويعزز القدرة الإنتاجية لمصر.
إضافة 10,000 برميل يوميًا من المكثفات
هذه المشاريع تتطلب استثمارات ضخمة، حيث أُعلن عن استثمار 200 مليون دولار لتطوير الحقل، وهو جزء من استراتيجية بي بي لتوسيع أعمالها في منطقة البحر المتوسط، ومع تعاونها مع شريكها هاربور إنرجي، التي تمتلك 17.25% من الحقل، يُتوقع أن تساهم هذه الاستثمارات في إضافة 10,000 برميل يوميًا من المكثفات، مما سيُسهم في تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي وتلبية الطلب المحلي.
من جهة أخرى، يعكس هذا المشروع أهمية الحقول البحرية لمصر في توفير احتياجاتها من الطاقة وتقليل الاعتماد على الواردات. بعد هذه الزيادة المنتظرة في إنتاج حقل ريفين، ستكون مصر أقرب إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، بل وفتح الباب لتصدير الفائض إلى الأسواق العالمية. خاصة في ظل التوقعات بزيادة الطلب على الغاز في المنطقة خلال السنوات القادمة.
حقل ريفين ليس مجرد مشروع إنتاجي، بل هو خطوة نحو المستقبل الطاقي لمصر. مع كل بئر جديد يتم حفره، ومع كل استثمار يُضخ في هذا القطاع، يقترب حلم الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في مصر من أن يصبح واقعًا ملموسًا، مما سيشكل أحد الأعمدة الأساسية في دعم الاقتصاد المصري وزيادة تنافسيته في أسواق الطاقة العالمية.
رؤية مستقبلية واعدة للطاقة في مصر
إن تطوير حقل ريفين للغاز الطبيعي ليس مجرد خطوة تكتيكية لشركة بريتش بتروليوم أو جزءًا من استراتيجية مصر للطاقة، بل هو نقطة تحول حيوية في مسار القطاع الطاقي المصري بأسره. مع الزيادة المنتظرة في الإنتاج إلى 600 مليون قدم مكعب يوميًا، يثبت هذا المشروع أهمية الغاز الطبيعي كأحد محركات النمو الاقتصادي في مصر خلال المرحلة القادمة.
لن تقتصر فوائد هذه الخطوة على رفع الإنتاج المحلي فحسب، بل ستمتد لتشمل تعزيز مكانة مصر كلاعب رئيسي في سوق الغاز العالمي. فإلى جانب الاكتفاء الذاتي المتوقع من الغاز، سيتسنى لمصر استغلال الفائض الناتج عن الحقول البحرية لزيادة صادراتها، مما سيعزز العائدات من هذه الموارد الطبيعية المهمة. هذا سيمنح الاقتصاد المصري مزيدًا من القوة والقدرة على مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي، ويُسهم في تحقيق استدامة طويلة الأمد في قطاع الطاقة.
وبالنظر إلى أهمية الغاز الطبيعي في دعم الصناعات المحلية وتوفير احتياجات الكهرباء، فإن تعزيز الإنتاج المحلي سيسهم بشكل مباشر في تحسين حياة المواطنين، وتقليل الاعتماد على الواردات، وبالتالي تخفيف الضغط على الميزانية العامة للدولة. كما أن هذا المشروع يُعد نموذجًا يحتذى به في التعاون بين الشركات الدولية والقطاع الحكومي المصري، ويُبرز قدرة مصر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتنفيذ المشاريع الكبرى التي تساهم في تعزيز بنية الاقتصاد الوطني.
ومن الناحية البيئية، فإن التوسع في استخدام الغاز الطبيعي كمصدر طاقة رئيسي يُعد خطوة نحو التحول الطاقي الأكثر استدامة، حيث يُعتبر الغاز بديلاً أنظف مقارنة بالفحم والنفط. في وقت تسعى فيه مصر والعالم إلى تقليل الانبعاثات الكربونية والحد من تأثيرات التغيرات المناخية، يسهم الغاز الطبيعي في تقليل البصمة البيئية للطاقة.
إن حقل ريفين يمثل بداية فصل جديد في قصة مصر الطاقية. مع الاستثمارات المتزايدة، والتقنيات الحديثة، والتعاون الدولي المثمر، فإن المستقبل يحمل إمكانيات ضخمة لمصر لتكون مركزًا إقليميًا رائدًا في مجال الطاقة. ولا شك أن نجاح هذا المشروع سيفتح الباب أمام المزيد من الفرص المماثلة في المستقبل، مما سيُسهم في تحقيق رؤية مصر للطاقة 2030 وتحقيق أهدافها التنموية على مختلف الأصعدة.