يُعدّ تصلب الجلد من الأمراض المناعية المعقدة التي تتسبب في زيادة إنتاج الكولاجين داخل الجسم، ما يؤدي إلى تصلب الجلد وتيبس الأنسجة، وقد تمتد آثاره إلى الأعضاء الداخلية مثل الرئتين، القلب، والجهاز الهضمي.
ورغم عدم وجود نظام غذائي واحد يصلح لجميع المرضى، فإن التغذية تلعب دورًا محوريًا في تخفيف الأعراض وتحسين الوظائف الحيوية.وفقًا لتقرير نُشر في موقع vinmec، فإن اتباع نظام غذائي متوازن، غني بمضادات الالتهابات والفيتامينات والبروتينات، يُعتبر ركيزة أساسية في إدارة المرض والحد من تطوره.
أسس التغذية السليمة لمرضى تصلب الجلد
ينصح الأطباء بتناول وجبات صغيرة ومتكررة خلال اليوم، كل ثلاث إلى أربع ساعات، لتخفيف العبء على الجهاز الهضمي.وفي الحالات التي يفقد فيها المريض وزنًا أو يجد صعوبة في تناول كميات كافية، يمكن تناول وجبات صغيرة كل ساعتين لتعويض النقص الغذائي.
تنظيم الوجبات وتحسين الامتصاص الغذائي
يُفضّل الاعتماد على الأطعمة الطازجة والمعدة منزليًا، مع تجنب الأغذية الصناعية أو الغنية بالمواد الحافظة.وإذا لزم تناول الأطعمة المعلبة، فيجب أن تكون قائمة المكونات قصيرة وواضحة، وخالية من الإضافات الكيميائية.
الأعشاب والتوابل كمصدر طبيعي لمضادات الالتهاب
تُعدّ الأعشاب الغنية بمضادات الأكسدة وسيلة فعّالة للحد من الالتهاب وتحسين الدورة الدموية.من أبرزها: الريحان، الزنجبيل، الكركم، القرفة، الأوريجانو، ومسحوق الكاري.كما يُستحسن تقليل السكريات المضافة — كالسكروز والفركتوز وشراب الذرة — لما لها من تأثيرات سلبية على المناعة والالتهاب المزمن.
المكملات الغذائية ودورها في دعم الجسم
في بعض الحالات، قد يحتاج المرضى إلى مكملات الفيتامينات والمعادن لتعويض النقص الناتج عن ضعف الامتصاص.ومن أكثر العناصر فائدة: الزنك، الحديد، فيتامينات A وD وE وK، بالإضافة إلى حمض الفوليك وفيتامين B12.كما تشير الأبحاث إلى أن تناول مكملات البروبيوتيك يساعد في استعادة توازن الأمعاء وتحسين عملية الهضم.
نصائح للسيطرة على الأعراض الهضمية
الارتجاع المريئي وحرقة المعدة
ينبغي على المريض تجنب الأطعمة المهيجة مثل الطماطم، الحمضيات، القهوة، الأطعمة المقلية، والثوم النيء.كما يُفضل تناول آخر وجبة قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.رفع الرأس أثناء النوم باستخدام وسادة إضافية يُساعد في تقليل ارتجاع الأحماض نحو المريء.
مشكلات الهضم والإمساك
بسبب ضعف حركة الأمعاء، يُنصح بالإكثار من الألياف الطبيعية الموجودة في الحبوب الكاملة والخضروات والفواكه.المشي اليومي أو ممارسة التمارين الخفيفة تُحفز حركة الجهاز الهضمي.كما يُستحسن تناول الزبادي الغني بالبروبيوتيك وشرب كميات كافية من الماء يوميًا للحفاظ على الترطيب.
الالتهاب والتعب العام: التغذية كعلاج موازى
الالتهاب المزمن من أكثر ما يُرهق مرضى التصلب الجلدي.يمكن الحد منه عبر تناول الخضروات والفواكه الملونة الغنية بمضادات الأكسدة، مثل التوت، الجزر، السبانخ، والبنجر.ويُنصح بإضافة الأسماك الدهنية — مثل السلمون والسردين — كمصدر طبيعي لأحماض أوميغا 3.أما المكسرات وزيت الزيتون فيُساعدان على تزويد الجسم بفيتامين E الضروري لحماية الأنسجة.في حالات التعب المستمر، يُفضل تناول وجبات صغيرة على فترات منتظمة لتفادي انخفاض السكر في الدم، وشرب كميات كافية من الماء، وممارسة الرياضة المعتدلة مثل اليوغا أو المشي لمدة نصف ساعة يوميًا.
تحسين الدورة الدموية والتعامل مع متلازمة رينود
يُعاني بعض مرضى التصلب الجلدي من ضعف تدفق الدم إلى الأطراف، مما يسبب برودة الأصابع أو تقرحها.تُساعد التمارين المنتظمة على تنشيط الدورة الدموية، بينما يُنصح بتناول اللحوم الغنية بالحديد والزنك، مثل لحم البقر والدجاج، لتعزيز تجدد الأنسجة وتسريع التئام الجروح.
صعوبات البلع والمضغ: بدائل غذائية ذكية
بعض المرضى يجدون صعوبة في المضغ أو البلع، وهو ما قد يؤدي إلى نقص الوزن وسوء التغذية.في هذه الحالات، يُنصح بتناول الأطعمة الطرية والسوائل المغذية مثل الشوربات، الزبادي، البيض، والأسماك المطهوة على البخار.كما يمكن إعداد العصائر الطبيعية بإضافة الفواكه الطازجة مع الحليب أو الزبادي للحصول على وجبة كاملة سهلة البلع وغنية بالبروتين.
فقدان الوزن: مؤشر يستدعي التدخل المبكر
إذا لوحظ فقدان وزن مستمر خلال بضعة أشهر، يجب مراجعة الطبيب لتقييم احتمالية وجود اضطرابات في الامتصاص أو فرط نمو بكتيري في الأمعاء.لزيادة الوزن بشكل صحي، يُنصح بإضافة الزيوت النباتية المفيدة مثل زيت الزيتون والأفوكادو إلى النظام الغذائي، وتناول المشروبات البروتينية بين الوجبات، بمعدل مرتين إلى ثلاث يوميًا.
الماء… العنصر الأساسى في العلاج الغذائي
يبقى شرب الماء النظيف بكميات كافية من العوامل الأساسية لدعم الجسم.يوصي الأطباء بتناول ما يعادل نصف وزن الجسم بالأونصات من الماء يوميًا، أي ما يزيد على لترين لمن يزن نحو 68 كيلوجرامًا. ويُفضل شرب الماء من عبوات زجاجية أو فولاذية لتجنب تسرب المواد البلاستيكية الضارة.
الوقاية والتغذية
التغذية الصحية تُمكّن مرضى التصلب الجلدي من التعايش مع المرض بشكل أفضل، وتحسين المناعة وتقليل الالتهاب وإبطاء تدهور الأنسجة.فكل وجبة متوازنة هي خطوة نحو جودة حياة أعلى، وقدرة أكبر على مواجهة التحديات اليومية دون إنهاك للجسم أو تدهور للأعضاء.
تعليقات